لماذا أصبح الناس “محصنين” ضد إعلاناتك؟
هل سبق لك أن قدت سيارتك إلى العمل وسرحت تمامًا، لتتفاجأ بأنك وصلت بالفعل؟ أنت لم تكن نائمًا، لكن عقلك كان يعمل على وضع “الطيار الآلي”. لقد مررت بنفس اللافتات والمباني مئات المرات لدرجة أن عقلك قرر أنها معلومات غير مهمة، وبكل بساطة، حذفها من وعيك لتوفير الطاقة. هذا بالضبط ما يفعله عقل عميلك كل يوم مع إعلاناتك. لقد طور ما أحب أن أسميه “جهاز المناعة التسويقي”، وهو السبب الرئيسي الذي يجعل حملاتك الإعلانية تفشل حتى لو أنفقت عليها آلاف الدولارات.
دعني أشرح لك الأمر ببساطة. جهاز المناعة في جسمك يتعرف على الجراثيم والفيروسات المتكررة ويهاجمها ليحميك. وبنفس الطريقة تمامًا، عقلنا يتعرض لآلاف الرسائل الإعلانية يوميًا، وهي “جرثومة” العصر الحديث. ولكي لا يصاب بالجنون من هذا الكم الهائل من المعلومات، فقد طور آلية دفاعية ذكية جدًا: التجاهل. هذه الظاهرة النفسية تسمى “التعود” (Habituation). عندما يرى عقلك نفس نوع الإعلان، بنفس الأسلوب، وبنفس الرسالة المتكررة، فإنه يصنفه فورًا على أنه “ضجيج” غير مهم ويتجاهله. إنه لا يكره إعلانك، بل هو لا يراه من الأساس!
أحد أشهر الأمثلة على هذا هو ما يسميه الخبراء “عمى اللافتات” (Banner Blindness). لقد أجرى الباحثون دراسات تتبع حركة العين واكتشفوا شيئًا مذهلاً: عندما يتصفح الناس موقعًا إلكترونيًا، فإن أعينهم تتجنب ببراعة أي شيء يشبه الإعلان، حتى لو لم يكن إعلانًا بالفعل! هل سبق لك أن بحثت عن زر “اتصل بنا” في موقع ما ولم تجده، لتكتشف لاحقًا أنه كان أمامك طوال الوقت ولكنه مصمم بطريقة تشبه اللافتة الإعلانية؟ هذا هو جهاز المناعة التسويقي في أفضل حالاته. لقد تعلم عقلك أن “أي مستطيل ملون على جانب الصفحة = إعلان = تجاهله”.
إذًا، إذا كانت إعلاناتك هي الفيروس، وعقل العميل يمتلك الأجسام المضادة، فما هو الحل؟ هنا يأتي دور الذكاء. في دوركاس، نحن لا نصف لعملائنا “مضادات حيوية” أقوى (أي إعلانات بصوت أعلى أو بألوان أكثر فجاجة)، لأن هذا سيزيد من قوة جهاز المناعة على المدى الطويل. بدلاً من ذلك، نحن نبتكر “لقاحًا” ذكيًا. نحن نساعدك على تصميم رسائل لا تبدو كالفيروس المعتاد. نحن نصنع محتوى يبدو وكأنه هدية قيمة أو قصة شيقة أو معلومة مفيدة. عندما لا تبدو رسالتك كإعلان، فإن جهاز المناعة التسويقي لا يعمل، وتصل رسالتك مباشرة إلى وعي العميل.
باختصار، التكرار الممل هو ما يبني جدار المناعة لدى جمهورك. والترياق هو المفاجأة والقيمة والأصالة. عليك أن تكون مختلفًا وممتعًا لدرجة أن عقولهم لا تستطيع تجاهلك. ولكن كيف تكون “مختلفًا” بطريقة صحيحة؟ هناك فرق كبير بين أصالة مؤثر يتحدث من قلبه، وبين تمثيل نجم سينمائي يتقاضى أجرًا ليقرأ نصًا. وهذا هو بالضبط ما سنكتشفه في مقالنا القادم، حيث سنغوص في الفروقات الجوهرية بين المشاهير والمؤثرين، ولماذا قد تكون ثقة شخص واحد حقيقي أغلى من شهرة ألف ممثل.